المعلِّم الممتاز في التعليم عن بعد

 


 Photo by NeONBRAND on Unsplash


كنا قد عرضنا في تدوينة سابقة لأساسيات التدريس أون لاين ، حيث ما يفعله المعلم أو لا يفعله خلال تواجده للتدريس في بيئة التعلم عن بعد المعتمد على الإنترنت. 

وفي تدوينتنا هذه نعرض لصفات المعلم الممتاز في منظومة التعليم عن بعد.

ويجب أولا أن نوضح مفهوم " المعلم الممتاز": إنه "المؤهل" صاحب الجاهزية ، تدريبا وخبرة، لجعل تجربة المتعلم ناجحة خلال التدريس / التعلم في التعليم عن بعد، وخاصة لو كان يتم عبر الإنترنت. 

وتحدد هذه الجاهزة بما يلي: 

  • أن يكون المعلم نفسه متعلما مدى الحياة: لا أفضل طريقة لتدريب معلم التعليم عن بعد كإخضاعه هو ذاته لأن يكون متعلما عبر الإنترنت في التعليم عن بعد. إن التعليم عن بعد ليس محض تنظير ولا تدريب نظري، بل إنه طريقة للتعلم تنبثق فيها الجوانب النفسية كعامل مؤثر، عدا عن ضغط الاستخدام المفرط للتكنولوجيا المتطورة كل يوم، عدا عن مسائل لوجستية في حياة الطالب: كالحضور والغياب، وتنظيم الوقت، والموازنة بين تحصيل الدرجات واكتساب المهارات.  ولعلي ، كنت وما أزال،  أعترف أن تجربتي الأولى  "كطالبة" للاحتكاك بعالم التعلم عن بعد، وفق مدارسه التاريخية كلها، ابتداء بالتعلم بالمراسلة، ثم الحضور المقنن، ثم التدرج في دمج التقنية في التعلم؛ هذه التجربة الثرية والممتدة هي ما دعمت طرق التدريس التي مارستها حتى وصلت إلى خبرة في التعلم والتدريس أون لاين معا. وفي الحقيقة، أني ما زلت حتى اللحظة، أدخل الدورات وأسجل المسارات الدراسية في مختلف فروع المعرفة، وكلها عبر الإنترنت، ما يشكل لي تجددا في منهجية التدريس الخاصة بي. إن كوني متعلما -أولا- عبر الإنترنت، أدخلني في كل الصعوبات والتجارب، مع التعايش مع الهواجس والأفكار الملحة، مع فهم كمية الضغط الذي يتعرض له طالب التعليم عن بعد  أولا،  ثم عندما تصبح الإنترنت هي منصة التعلم والتدريس لاحقا. وهي مكتسبات لا يمكن الحديث عنها نظريا، بل لا بد من خوض عراكها وعيش تفاصيلها بالكامل. 
  • نمط المعلم المتعاون والمرن: نتحدث كثيرا عن "التعاونية" و " التشاركية" والمرونة والتجريبية  صفاتٍ حميدة في العاملين داخل منظومة التعليم عن بعد. إلا أن أفضل ما يوصل هذه القواعد التربوية ليجعلها تجربة تعلم/ تدريس هو المعلم نفسه. إن الخصائص الطيبة لا تعد في بيئة التعلم عن بعد مجرد مثاليات قد نتركها أو نأخذ بها وقتما نشاء، بل إنها تتحول لتصبح من مبادئ التدريس والتعلم في بئة إلكترونية تم اختراعها بالأصل لتكون تشاركية منذ بواكير خروجها إلى العالم. 
  •  المعلم الممتاز هو الذي يتحلى بمهارات العمل الجماعي، والمسهِّل والميسِّر للمتعلم. فهو ليس بمقدم المعلومة وكفى, بل إنه من يرسم أجواء اكتساب المعلومة ثم يترك للطالب أن يلتقطها بنفسه ليحظى بلذة اكتشاف المعرفة. 
  • المعلم الممتاز هو من يعطي أهداف العملية التعلمية/ التدريسية جيدا، ثم يجعلها واضحة أمام الطالب كذلك. فمثلا، يفهم الطالب منذ بداية الدرس ما المفاهيم والمهارات التي عليه اكتسابها من دراسة هذه الوحدة. كما يفهم الطالب الهدف من تحديد شكل محدد للتكاليف والواجبات، كما يفهم الطالب كيفية توزيع الدرجات في نظام التعلم عن بعد. كلما أدرك الطالب المطلوب منه، فإن هذا يصب في خبرة معلم ممتاز بحق. 
  • المعلم الممتاز يقدم تغذية راجعة أو مرتدة ثرية للطالب. في التعليم عن بعد يحتاج الطالب -أكثر من التعليم التقليدي- للمزيد من الحديث حول التغذية المرتدة عن أدائه كمتعلم: الواجبات، السلوك، دعم الأداء في بيئة إلكترونية منعزلة، من شأن تقديم هذه التغذية التفصيلية أن تشعر الطالب بأنه الأولى بالعناية في كل هذه المنظومة، وأنه يكتسب موقعه المميز فيها عبر ما يقدم من أداء، ثم ما ينصت له من تغذية راجعة تقيمية. فالدرجات ليست كل شيء في بيئة التعلم عن بعد. 
إن مهمة تدريب المعلم في بيئة التعلم عن بعد هي من الوظائف الفرعية اللوجستية للمدير في التعليم عن بعد. وعادة ما يتم اعتبار فترة التدريب هي أشبه بورش العمل التي يتدرب فيها المعلم على توظيف التكنولوجيا المتنوعة ، مثل الفصول الافتراضية، وأنظمة إدارة المحتوى ، وأنظمة إدارة التعلم. ولا مانع من وجود بعض ساعات التدريب وجها - لوجه، فالهدف هو الارتقاء بأداء المعلم.

وفي النهاية، إن تدريب المعلم هو " محاكاة" لما سيكون عليه وضع المعلم والطالب معا في منظومة التعلم عن بعد المعتمد على الإنترنت. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إدارة المحتوى التعليمي LCMS

مفهوم البرمجيات الاجتماعية :

أدوات التأليفAuthoring tools